21 كانون الثاني/يناير 2025 - جنيف، سويسرا
توليت في الأسبوع الماضي رسميًا منصبي كرئيسة للمؤسسة المستقلة المعنية بالمفقودين في الجمهورية العربية السورية. وهي منظمة ذات طبيعة فريدة وغير مسبوقة وأول هيئة تابعة للأمم المتحدة تركز على المفقودين في سياق محدد وجاري.
نشأت المؤسسة المستقلة بفضل سنوات من المناصرة والعمل الدؤوب من قبل العائلات السورية والناجيات\الناجين الذين يسعون جاهدين للكشف عن مكان وجود أحبائهم. المؤسسة المستقلة موجودة بفضلهم. أتذكر كلمات السيدة فدوى محمود، عضوة مؤسسة لمنظمة "عائلات من أجل الحرية" في جلستنا النقاشية التي عقدناها مؤخرا في المؤتمر العالمي المعني بالاختفاء القسري، بأن" العائلات شريكة في إنشاء وعمل المؤسسة المستقلة في كل خطوة من خطواتها. لأن العائلات هي المصدر الرئيسي لأي معلومات أو معرفة تتعلق بكشف مصير المفقودين."
مهمتنا واضحة: وهي توضيح مصير ومكان وجود جميع الأشخاص المفقودين في سوريا وتقديم الدعم المناسب لعائلات المفقودين.
من المهم التأكيد على أن جميع المفقودين في سوريا يندرجون ضمن ولاية المؤسسة المستقلة، بغض النظر عن جنسيتهم، أو جماعتهم، أو عرقهم، أو انتمائهم السياسي، أو الأسباب والظروف المحيطة باختفائهم. ويشمل ذلك الأشخاص المفقودين بسبب عمليات الاختطاف أو الاختفاء القسري أو الحرمان التعسفي من الحرية، بالإضافة إلى أولئك المفقودين بسبب النزوح أو الهجرة أو العمليات العسكرية. نحن مكلفون بالبحث عنهم جميعهم، وفقًا للمبادئ التوجيهية للجنة المعنية بالاختفاء القسري بشأن البحث عن الأشخاص المفقودين: مع الافتراض المبدئي أنهم على قيد الحياة، ومع الاعتراف أيضًا بحالات أولئك الذين ربما قد توفوا. من الضروري أن نميز البحث كعملية، وأن التعرف على الهوية هو جزء من هذه العملية.
لسوء الحظ، فإن حالات الاختفاء ليست جديدة على مستوى العالم، كما أن النهج المتبعة لمعالجتها ليست جديدة أيضًا. وعلى الرغم من أن كل حالة تختلف عن الأخرى، إلا أن هناك دروسًا هامة يجب أن نتعلمها من هذه التجارب السابقة قبل كل شيء. إن البحث عن المفقودين عبارة عن سعي من أجل الحقيقة وضرورة إنسانية ملحة.
تمثل الأحداث الأخيرة في البلاد لحظة محورية في تاريخها وفي السعي المستمر للسوريين من أجل الحقيقة والعدالة، بالإضافة إلى تحقيق سوريا لجميع السوريين. لقد اجتمعت العديد من العائلات مع أحبائهم الذين ظلوا لسنوات في مواقع الاحتجاز حيث عانوا من التعذيب وغيره من الفظائع. ومع ذلك، لا يزال عدد لا يحصى من العائلات التي تفتقر إلى إجابات بشأن مصير أقاربهم المفقودين. سنستخدم كافة الوسائل المتاحة للكشف عن مصيرهم ومكان وجودهم، وسنعمل جنبا إلى جنب مع الناس في سوريا من اجل ذلك.
هناك فرص كانت، حتى قبل بضعة أسابيع، تبدو غير قابلة للتصور. وبينما تعد خبرات وموارد جميع الشركاء الأساسيين أمرا حيويا، فإن التنسيق الفعّال والتكامل بين الجهود، وتنفيذ منهجيات تقنية خاصة ومبنية على معايير محددة، وجمع البيانات وحمايتها وتحليلها، والسجلات، ومشهد رقمي للعلوم الجنائية، والإرادة السياسية، جميعها أمور أساسية لتعزيز فرص النجاح في البحث وتقديم الإجابات للسوريين.
المؤسسة المستقلة ملتزمة بالعمل والتنسيق مع جميع الجهات المعنية بما يتماشى مع ولايتها وطبيعتها. يشمل ذلك السلطات المؤقتة والدول الأعضاء والمنظمات الدولية، والأهم من ذلك عائلات المفقودين والمجتمع المدني. جري تصميم المؤسسة المستقلّة بطريقة فريدة تسمح بتطورها إلى مؤسسة سورية-دولية مختلطة أو مؤسسة وطنية سورية في المستقبل، عندما تسمح الظروف بذلك. سيعزز هذا النهج التعاوني من تطوير المؤسسة ويساهم في بناء القدرات السورية المحلية والشاملة.
أؤكد بشدة على ضرورة حماية وحفظ السجلات والمعلومات والبيانات والمواقع ذات الأهمية، مثل مواقع الدفن. حتى الأعمال ذات النوايا الحسنة قد تلحق الضرر عن غير قصد بهذه الموارد الحيوية، مما يعرض قدرة العائلات والمجتمع على كشف الحقيقة بشأن المفقودين للخطر. كما انه، تأمين الدعم اللازم للتنسيق الفوري وتنفيذ خطة البحث، بالإضافة إلى استراتيجية الطب الشرعي والعلوم الجنائية، أمر في غاية الأهمية.
الحق في معرفة الحقيقة والذاكرة ليسا حقوقا فردية فقط، بل هما حقوق جماعية أيضا. إن معرفة مصير المفقودين في سوريا ومكان وجودهم تشكل جزءا من تلك الحقيقة والذكرى وتمثل خطوة أولية حاسمة في تحقيق السلام المستدام.
مثلما تبدو التحديات هائلة، فإن الأمل كذلك. واجبنا في المؤسسة المستقلة هو العمل بلا كلل لتحويل الأمل إلى عملية تعويضية، عملية تقدم الإجابات والحقيقة والسلام.
معاناة المفقودين في أي مكان هي مسؤولية جماعية للإنسانية.
وأكرر دعوة الأمين العام للأمم المتحدة للمجتمع الدولي إلى تقديم الدعم الواسع للاستجابة الإنسانية في سوريا والجهود المبذولة لتحديد مصير المفقودين كما أؤيد نداءه لجميع الأطراف للتعاون الكامل مع المؤسسة المستقلة، وفقًا لالتزاماتهم بموجب القانون الدولي. إن الوقت عامل حاسم.
***
لمزيد من المعلومات وطلبات وسائل الإعلام:
يرجى التواصل معنا على:
يرجى زيارة ومتابعة:
موقع المؤسسة المستقلة – صفحات الفيسبوك ولينكدإن الرسمية